الرئيس المقدوني يلقي محاضرة في كلية الشؤون الدولية بجامعة جورجتاون في قطر

الرئيس المقدوني يلقي محاضرة في كلية الشؤون الدولية بجامعة جورجتاون في قطر

استضافت كلية الشؤون الدولية بجامعة جورجتاون في قطر فخامة الرئيس الدكتور جورج إيفانوف، رئيس جمهورية مقدونيا، الذي ألقى محاضرة متميزة تحت عنوان “البلقان والخليج: مفترق طرق الحضارات” في الحرم الجامعي للكلية يوم الثلاثاء الموافق 29 يناير الجاري.

وفي هذه المناسبة، قال غيرد نونيمان، عميد كلية الشؤون الدولية بجامعة جورجتاون في قطر: “نتشرف دائماً في كلية الشؤون الدولية بجامعة جورجتاون في قطر باستضافة قادة دول العالم، ولا شك بأن مثل هذه الزيارات تمثل مناسبة مهمة جداً بالنسبة لنا. وتنبع الأهمية الكبيرة للزيارة التي قام بها فخامة الرئيس الدكتور إيفانوف إلى الكلية، من كونها تحمل في طياتها إضافة فكرية غنية انطلاقاً من كونه مفكراً بارزاً وباحثاً معروفاً في مجال تخصصه”.

وقبل أن يصبح رابع رئيس منتخب لجمهورية مقدونيا في 12 مايو من عام 2009، كان الدكتور إيفانوف منخرطاً بصورة فاعلة في شؤون المجتمع المدني والمؤسسات الشبابية خلال سنوات دراسته الجامعية. وتجسد اهتمامه البالغ بفهم تعقيدات المجتمعات متعددة الأعراق، بصورة كبيرة في أطروحة الدكتوراه التي أعدها تحت عنوان “الديمقراطية والمجتمعات المقسمة: حالة مقدونيا”.

وتطرق الدكتور إيفانوف للحديث عن هذه التعقيدات في المحاضرة التي ألقاها في كلية الشؤون الدولية بجامعة جورجتاون في قطر، حيث تتبع تاريخ منطقة البلقان بالنظر إلى السمات التي ميزت حياة سكان المنطقة الأصليين، من أجل تسليط الضوء على التسامح الديني والتعاون الذي يسود بين الأعراق المختلفة في هذه المنطقة والتي يرى بأنها لا تزال تمثل العماد الرئيسي لاستمرار التعايش السلمي في البلاد مستقبلاً.

وشدد الدكتور إيفانوف، الذي أبدى معارضته التامة لاستخدام مصطلح “البلقنة” الذي يعد من التعريفات الجيوسياسية الراسخة والتي ينظر إليها على أنها “تفسير ضحل ومشوه”، على الحاجة إلى التفكير في إعادة تحديد الأطر المفاهيمية حول منطقتي البلقان والخليج على حد سواء. وقال: “من خلال كتاب واحد اسمه ’الاستشراق‘، استطاع مؤلفه إدوارد سعيد تغيير التصور الخاطئ لدى البعض حول الحضارة الشرق أوسطية”.

واستشهد الدكتور إيفانوف بأمثلة من التاريخ، حيث قدم صورة مستوحاة من مجتمع البلقان تظهر مدى “انفتاحهم بشكل غير معتاد على التأثيرات الدينية الأجنبية”، منوهاً إلى أنهم اكتسبوا الكثير من التقاليد السياسية والاجتماعية من الرومان والعثمانيين، ومن جميع الإمبراطوريات التي تعاقبت على حكم المنطقة. ولخص هذه الحالة الفريدة من التعايش المقدوني من خلال الرجوع إلى المسمى التاريخي “كومسي كابيك” (komsi kapicik)- وهو لفظ مقدوني قديم يطلق على الباب الصغير الذي كان يشكل سمة مميزة للطراز المعماري للمنطقة حيث يبقى دائماً مفتوحاً حتى عندما توصد البوابات الكبيرة بين الجيران.

ومن التاريخ الأكثر حداثة، استشهد الدكتور إيفانوف بمجموعة من الأمثلة الحديثة لحالة التعايش والتعاون التي تتميز بها مقدونيا عبر إلقاء نظرة على الدستور المقدوني، وكذلك جهود إرساء السلام التي تبذلها مبادرة “ملتقى حوار الحضارات” التي أطلقتها الحكومة المقدونية في عام 2003 بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونسكو”.

وخلال رحلته الفكرية الغنية التي مر خلالها عبر مزيج ثقافي وتاريخي قيم، وصف الدكتور إيفانوف كلاً من منطقتي الخليج والبلقان باعتبارهما “مفترق طرق للحضارات… مهدته الإمبراطوريات المتعاقبة وحركة التجارة والثقافة والدين”. وأشار الدكتور إيفانوف إلى أن هذه العناصر التاريخية المرتبطة ببعضها “تمثل أماكن لا تتصادم فيها الحضارات، بل تتواصل مع بعضها وتتفاعل وتندمج لتنتج أرضية خصبة للحوار”، بدلاً من كونها تقدم صورة غير كاملة للمصالح المتعارضة.