أستاذ في جامعة جورجتاون قطر ينشر كتاباً جديداً عن التاريخ السياسي

Georgetown Qatar professor publishes new book on political history

يعتبر كتاب الدكتور بيرول باسكان الأستاذ في جامعة جورجتاون قطر، والمعنون “من الإمبراطوريات الدينية إلى الدول العلمانية: علمنة الدولة في تركيا وإيران وروسيا”، إضافة علمية هامة في بحوث الأديان والسياسة. نقرأ في هذا الكتاب تحليلاً عميقاً للتاريخ المقارن للطريق الذي سلكته ثلاث دول في الفترة الممتدة من عشرينيات القرن الماضي إلى ثلاثينياته نحو علمنة الدولة. ويورد الكاتب وصفاً خاصاً لاستراتيجية التعامل مع الدين في كل دولة، من سياسة “الاستيعاب” في تركيا إلى سياسة “الفصل” في إيران إلى سياسة “الاستئصال” في روسيا، ثم يمضى ليشرح مفهوم العلمنة محاولاً الإجابة عن السؤال المتمحور حول سبب اتخاذ الدول طرقاً مختلفة للوصول إلى هذا النوع من الإصلاح السياسي.

يبدأ الدكتور باسكان كتابه قائلاً: “ماذا يعني أن تكون أي دولة علمانية لا دينية؟ ما هي طرق التحول من النموذج الديني إلى العلماني؟ هذان السؤالان هما ما أحاول مناقشته في كتابي”.

يعرّف باسكان “علمنة الدولة” بأنها “إعلان حاسم وتطبيق واضح للسيادة على جميع المسائل الخاصة والعامة”. وينتقد الكاتب أيضاً محدودية النظريات السابقة التي تميل إلى اعتبار العلمنة امتداداً لأيديولوجية معينة مثل الديمقراطية الليبرالية، بل إنها، على حد تعبيره، انعكاس للعلاقة بين مؤسسات الدولة والمؤسسات الدينية. يقول باسكان: “مثلاً، يمكن للدولة أن تظل علمانية حتى لو كانت تملك الآلاف من المؤسسات الدينية وتوظف الشخصيات الدينية وتتدخل في تفسير الدين كما في الحالة التركية”.

وفي تركيزه على العلاقة المتغيرة بين مؤسسات الدولة والمؤسسات الدينية، يقارن باسكان الاستراتيجيات المتباينة جداً التي اتخذتها كل دولة في سعيها نحو العلمنة:

“… تبنّى حكام تركيا سياسة الاستيعاب، فهم أغلقوا بعض المؤسسات الدينية لكنهم ضموا مؤسسات أخرى إلى هيكل الدولة. وأما حكام إيران فتبنوا سياسة الفصل، وبما أن المؤسسات والشخصيات الدينية فقدت بالنتيجة العديد من مكاسبها ومزاياها السابقة، فقد استمرت في العمل مضطرةً إلى الاعتماد على مصادرها المالية والتنظيمية الذاتية. بينما تبنى حكام روسيا سياسة الاستئصال، فهم لم يقوموا فقط بعلمنة الدولة، لكنهم أطلقوا حملة شعواء ضد المجتمعات والشخصيات الدينية وأغلقوا المؤسسات الدينية وأهدروا ثرواتها في سعي إلى إلغاء الدين من حياة الناس نهائياً”.

ويختتم باسكان كتابه بعرض مجموعة من العوامل التاريخية التي يجب أخذها بعين الاعتبار عند التحدث عن الطرق المختلفة للانتقال إلى سياسة معينة، ويحاول توضيح أن كل استراتيجية كانت استجابة لوضع خاص مرت فيه حكومة كل دولة على حدة عوضاً عن أن تكون نتيجة أيديولوجية معينة. يقول باسكان: “عندما يستلم المصلحون السلطة عبر انقلاب ويكون هناك مؤسسات دينية غير فعالة، فإن سياسة الانفصالية هي النتيجة. وعندما يستلم المصلحون مقعد الحكم بعد حرب أهلية ويكون هناك مؤسسات دينية تتحداهم، فإن الاستئصال هو النتيجة”.

وفي حديثه عن الكتاب، قال غيرد نونيمان، عميد جامعة جورجتاون قطر: “يمثل هذا الكتاب إنجازاً علمياً هام يتحدث عن العمليات السياسية المعقدة على مر التاريخ، وهو مناسب للباحثين السياسيين والمختصين في التاريخ ودراسات المناطق ودارسي علم الاجتماع المقارن المهتمين بالمسائل الدينية والسياسية. كما يساعدنا الكتاب على فهم عوامل التغيير التي تحدث في عصرنا الحاضر”.

يذكر أن الدكتور بيرول باسكان هو أستاذ مساعد في جامعة جورجتاون قطر، وحاصل على درجة الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة نورث ويسترن الأمريكية. وترتكز أبحاثه حول العلاقات بين الدولة والنظام الحاكم والدين في منطقة الشرق الأوسط.