اجتماع المائدة المستديرة حول دعم بحوث العلوم الاجتماعية في الشرق الأوسط المضطرب
عقد مركز الدراسات الدولية والإقليمية اجتماع مائدة مستديرة لمدة يوم واحد في 29 نوفمبر من عام 2017، يهدف إلى حشد باقة متميزة من باحثي المنطقة من ذوي الخبرات الواسعة في إجراء بحوث العلوم الاجتماعية للمشاركة في حوار متعمق حول إجراء بحوث العلوم الاجتماعية في المناطق المضطربة. وانخرط الخبراء على مدار اليوم في حوار مفتوح مفعم بالنشاط حول كيفية تصدي المجتمع البحثي للتحديات العديدة التي يواجهها عند إجراء دراسات عن منطقة الشرق الأوسط.
تناول المشاركون في جلسة النقاش المكثفة العديد من الموضوعات، والتي كان من بينها أهمية دراسات حالة الشرق الأوسط وقابليتها للتكرار وأهميتها الإحصائية؛ بالإضافة إلى القضايا المنهجية المتعلقة بمزايا البحوث الكمية والنوعية، وكذلك الفائدة المحتملة للمقاربات المنهجية البديلة التي جرى تعديلها لتتلاءم مع مناطق النزاع؛ والتحديات التي تواجه عملية جمع البيانات نتيجة لنقص في البيانات القائمة أو عدم القدرة على الوصول لتلك البيانات أو ضعف موثوقيتها؛ وتحديات دعم وتمويل العمل الميداني الآمن في المجتمعات والبلدان التي تقع في خضم الحرب أو تواجه قيودًا استبدادية؛ والتحديات المتعلقة بالرقابة والحريات الأكاديمية؛ وتأثير القيود والضوابط المفروضة على الهجرة التي تحدّ من حرية سفر الباحثين وقدرتهم على التنقل داخل المنطقة ومن المنطقة إلى الغرب كما تحدّ من التعاون البحثي عبر الحدود وتحول دون فرص المشاركة في المؤتمرات الدولية؛ ودور نظام العقوبات الذي يشهد تطورًا مطردًا والقيود المفروضة على تمويل باحثين في دول فُرضت عليها عقوبات أو العمل معهم؛ وأخيرًا التحديات الأخلاقية كافة المتعلقة بحماية الباحثين، والمتعاونين، والعلماء المعرضين للخطر، وحماية البيانات الحساسة، والمجتمعات الضعيفة وحقوق العلماء الذين يحاولون إجراء “بحوث حساسة” تتعارض مع القيم والمعايير الاجتماعية في بعض أجزاء منطقة الشرق الأوسط. وقمنا خلال مقدمة الاجتماع بحثّ الباحثين المشاركين في النقاش على عدم اقتصارهم على تسليط الضوء والتأكيد على الصعوبات والآفاق الموحشة لبحوث العلوم الاجتماعية في منطقة الشرق الأوسط فحسب، بل طلبنا منهم مساعدتنا في فهم تجاربهم الخاصة في التغلب على التحديات وتعريفنا بفرص وإمكانات التغلب على هذه الأوقات العصيبة.
ولقد تمخضت النقاشات عن النقاط الرئيسة التالية:
- تتسم أوضاع بحوث العلوم الاجتماعية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالصعوبة على وجه الخصوص بسبب القيود المفروضة في جميع أرجاء المنطقة على الحريات الأكاديمية، وزيادة الإجراءات الأمنية والسيطرة الصارمة على العلوم الاجتماعية تحت مظلة أنظمة الحكم الاستبدادية، والانقسام العميق في المجتمعات، والحساسية الاجتماعية التي تحدّ من الموضوعات المطروحة للبحث، والتأثير الذي خلّفه نظام العقوبات الأمريكي.
- يوصف المجتمع الأكاديمي لباحثي العلوم الاجتماعية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالضعف والتشرذم. لذا، تبرز حاجة ماسّة إلى إنشاء شبكة من علماء الاجتماع على مستوى المنطقة، بحيث يمكنهم العمل سويًا وتقديم الدعم لبعضهم البعض.
- لا تحظى آليات وضع المخاوف الأخلاقية في الاعتبار داخل مشاريع بحوث العلوم الاجتماعية بالفعالية المطلوبة. ويقتصر دور مجالس المراجعة المؤسسية على الإشراف على طلبات المقترحات البحثية الأولية، فنجد قصورًا شديدًا عندما يتعلق الأمر بالتزام الأخلاقيات البحثية في جميع مراحل عملية البحث. ومن بين الموضوعات الأخرى التي تمت مناقشتها، التحقق من التزام باحث العلوم الاجتماعية باستخدام بحوثه على نحو مسؤول، وتجنب تقديم وعود كاذبة أو رفع الآمال تجاه موضوعاته البحثية عبر تقديم وعود بأنّ الدراسة ستحدث فارقًا على أرض الواقع.
- وجود أفكار معقدة ومعارضة لدور باحث العلوم الاجتماعية الذي يعمل في الشرق الأوسط، حيث أصرّ بعض المشاركين على أنّ تحديد أولويات الموضوعية العلمية والحفاظ عليها هو أهم الأمور التي يمكن لعلماء الاجتماع تحقيقها، بينما كان لغيرهم من المشاركين أفكارًا مختلفة بصورة كبيرة، إذ رأوا أنّ الباحثين في مجال العلوم الاجتماعية ملزمون “بفعل الخير” والمساهمة في تحسين أو إصلاح الأوضاع المعضلة.
تجدر الإشارة إلى أنّ مركز الدراسات الدولية والإقليمية سوف ينشر نتائج اجتماع المائدة المستديرة في المستقبل القريب.
مقال بقلم زهرة بابار، المديرة المشاركة للأبحاث، مركز الدراسات الدولية والإقليمية.