دانيال ستول حول نهر الأردن وخطة جونستون
ألقى دانيال ستول، مساعد العميد للشؤون الأكاديمية في كلية الشؤون الدولية في جامعة جورجتاون في قطر، محاضرة بعنوان: “نهر الأردن وخطة جونستون: دروس لإدارة أوباما؟” وذلك بتاريخ 8 فبراير 2010، في إطار سلسلة الحوارات الشهرية التي يقيمها مركز الدراسات الدولية والإقليمية. يعد الدكتور ستول خبيراً في الأمم المتحدة والمنظمات متعددة الأطراف، بالإضافة للسياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط، وقد شغل في السابق منصب موظف في الشؤون الدولية لدى وزارة الخارجية الأمريكية.
سلط ستول الضوء على قضية نقص المياه في حوض نهر الأردن وعلاقته بالصراع العربي الإسرائيلي الجاري. بحسب لستول، “بإمكان الشخص العادي في الضفة الغربية، الوصول إلى 50 لتراً فقط من المياه في اليوم. ما يعد أقل مما أوصت به منظمة الصحة العالمية وهي 150 لتراً يومياً”. استشهد ستول بالموارد المحدودة كواحدة من المشاكل المستمرة التي تواجه المنطقة المحاصرة وأشار إلى خطة جونستون التي تقودها الولايات المتحدة منذ خمسينيات القرن الماضي حيث سعت لتوزيع عادل للمياه لجميع الأطراف كنموذج ممكن يمكن لإدارة أوباما استخدامه لإدارة الوضع اليوم.
يعد خطاب الرئيس في 2009 في جامعة القاهرة، وتعيين جورج ميتشل مبعوثاً خاصاً للولايات المتحدة إلى الشرق الأوسط، وخطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر 2009، إشارات إلى أن أوباما وإدارته على استعداد للمشاركة بنشاط في قضايا الشرق الأوسط. إن التوتر الكبير الذي حدث حول نهر الأردن للحفاظ على مختلف الشعوب لا يزال متواصلاً. أشار ستول إلى أن المشكلة ليست بيئية فحسب، وقال موضحاً: “أعتقد أنه من المستحيل وضع استراتيجية مياه دون الاعتراف بالآثار السياسة الأوسع على الصراع، لاسيما قضايا الوضع النهائي للاجئين والحدود”.
إن المطالب الحالية للمياه من نهر الأردن تفوق معدل الاستخدام المستدام له، فعندما يصل تدفق النهر إلى نقطته الأخيرة في البحر الميت، يكون قد تم سحب 90% من مياهه. وعلى الرغم من أن الزراعة، لا تشكل سوى نسبة ضئيلة من الناتج المحلي الإجمالي في المنطقة، إلا أنها تشكل أكبر ضغط على موارد النهر بسبب تفوق زراعة المحاصيل التي تحتاح للكثير من المياه في المنطقة، مثل الحمضيات والموز. في الأردن، يستخدم ما بين 65-70% من المياه المخصصة للأمة في الزراعة، وبالمثل فإن 70% من المياه المتوفرة للفلسطينيين في غزة والضفة الغربية تستخدم لري المحاصيل، بينما تستهلك إسرائيل 65% من مخصصاتها بشكل مشابه. لم يساعد النمو السكاني في الأردن والأراضي الفلسطينية موارد المياه المتوترة أصلاً، ولا البنية التحتية غير الفعالة التي تستخدم لتوزيع المياه في المنطقة.
يتركز البعد الأكثر إثارة للجدل في قضية نقص المياه في المنطقة حول عدم المساواة في كل من الاستهلاك وكلفة المياه. حيث يقدر استهلاك المستوطنين الإسرائيليين لكمية مياه أكثر بست مرات من استهلاك الفلسطينيين، وتوقع ستول، أن عدم التوازن سوف يلعب دوراً مهماً إذا ما تحرك الطرفان نحو حل للصراع من خلال إقامة دولة فلسطينية. وأشار إلى الظلم الحالي في كلفة المياه، وهي مسألة معقدة بسبب الدعم الحكومي، “عندما يدفع الناس ثمن المياه، فهناك عدم توازن حقيقي. فالفلسطينيون عموماً يدفعون أكثر من ضعف ما تتكلفه الأسر الإسرائيلية في حين يحصل المستوطنون اليهود في الأراضي المحتلة على وجه الخصوص على مياه مدعومة بشكل كبير من قبل سلطات المياه الإسرائيلية”.
وفقاً لستول، بإمكان إدارة أوباما النظر في خطة جونستون التي وضعت في عهد دوايت د. آيزنهاور بمساعدة مبعوثه للشرق الأوسط، ايريك جونستون. في محاولة لتوطين ما يقارب 100,000 لاجئ فلسطيني، عملت الولايات المتحدة للجمع بين إسرائيل والأردن وسورية بمساعدة الأمم المتحدة ليخططوا لمشاريع توليد الطاقة الكهرومائية، ولتحويل بحيرة طبريا إلى خزان لبناء سلسلة من القنوات ومشاريع الري في أنحاء المنطقة ولتقسيم تدفق نهر الأردن بين الدول الثلاث للسماح بالوصول إلى تسوية دائمة.
على الرغم من أن المحادثات قد فشلت جزئياً بسبب الشك في الأمم المتحدة من جانب العرب والإسرائيليين، إلا أن ستول يؤمن بأن الخطة تقدم إطاراً مساعداً لحل قضية المياه، على الرغم من الدروس التي يمكن تعلمها من الماضي. بشكل أكثر تحديداً، يرى ستول إنه يجب على الأطراف النظر لإيجاد مصادر مياه ليس فقط من موارد المياه السطحية، ولكن من المياه الجوفية ومياه الصرف الصحي المعالجة. كما يجب عليهم إشراك كافة الكيانات – فقد تم استبعاد الفلسطينيين بشكل خاص من المحادثات حول خطة جونستون، ويجب عليهم العمل لجمع بيانات أكثر شمولاً وموثوقية حول مصادر المياه في المنطقة في محاولة لتقليل الهدر وعدم الكفاءة.
أنهى ستول حديثه معرباً عن أمله أن الجهود المعاصرة لحل قضية نقص المياه ستكون أكثر نجاحاً من خطة جونستون بمساعدة وموارد المؤسسات متعددة الأطراف مثل الأمم المتحدة، والبنك الدولي، والاتحاد الأوروبي، والجهود التعاونية مثل لجنة المياه المشتركة الإسرائيلية الفلسطينية، التي يأمل ستول بأن تتحول إلى “آلية للمحادثة والحوار”.
الدكتور ستول هو مساعد العميد للشؤون الأكاديمية في جامعة جورجتاون في قطر. قبل انضمامه إلى كلية الشؤون الدولية في قطر، شغل ستول عددا من المناصب في جامعة ميسوري-كانساس سيتي، بما في ذلك منصب مساعد نائب مدير الجامعة للمبادرات الدولية والأستاذ المساعد للعلوم السياسية. وما بين عامي 1988 و1998، تولى ستول منصب مسؤول الشؤون الخارجية في وزارة الخارجية الأمريكية، بالإضافة إلى وظائف خارجية في بغداد في العراق وجوهانسبرغ في جنوب أفريقيا. تشمل اهتماماته البحثية دور المؤسسات متعددة الأطراف في النظام الدولي، وسياسة الولايات المتحدة الخارجية في منطقة الشرق الأوسط. يذكر أن ستول هو محرر مشارك ومؤلف مساهم في كتاب: سياسة الندرة: المياه في منطقة الشرق الأوسط.
المقال بقلم: كلير مالون