تقرير موجز
يسرد هذا “التقرير الموجز حول العمالة المهاجرة في منطقة الخليج” تفاصيل النتائج البحثية التي عرضها المشاركون في فريق عمل العمالة المهاجرة في منطقة الخليج، أثناء اجتماعاتهم في الدوحة بقطر. يستتبع هذا التقرير دراسة ظروف وأولويات وشبكات العمال المهاجرين إلى منطقة الخليج الفارسي. اضغط على الروابط أدناه لقراءة التقرير كاملاً بالإنجليزية أو العربية:
وفيما يلي مقتطفات من الفصل التمهيدي الذي أعده مهران كمرافا وزهرة بابار. انقر هنا لقراءة التقرير كاملاً.
نظراً لتعداد السكان المحليين القليل وانخفاض مستويات المشاركة في القوى العاملة، فقد اضطرت الدول الست في مجلس التعاون إلى البحث عن مصادر أجنبية بديلة من العمالة لتلبية احتياجات برامج التنمية الخاصة بها. ففي مختلف أنحاء شبه الجزيرة العربية، تشغل أعداد غفيرة من العمال الأجانب العديد من الوظائف في عدد من القطاعات، من بينها أعمال البناء والأعمال المنزلية، بينما يشغل عدد أصغر لكنه مهم الوظائف الإدارية التي تتطلب مهارات معينة. لا يبدو أن هناك تراجعاً في هذا الاتجاه، وفي الواقع، وعلى الرغم مما يبذل من محاولات في مختلف أنحاء المنطقة لإحلال العمالة الوطنية محل الأجنبية، فمن المتوقع أن يزداد الاعتماد على العمالة الأجنبية في السنوات المقبلة مع استمرار المنطقة في تنفيذ خطط طموحة لتحقيق مزيد من التوسع في مجالي الصناعة والبنية التحتية. ومع زيادة أهمية دول مجلس التعاون، إذ تحولت من دول متواضعة في بداياتها إلى أعضاء فاعلين في المجتمع الدولي، فإن إجراء دراسة تركز بقدر كبير على الاتجاهات الناشئة في هجرة العمالة إلى المنطقة يعد أمراً ضرورياً.
وفي ظل طبيعة هذا العالم الذي تكثر فيه الفوارق الديموغرافية والاقتصادية، فإن انتقال الأشخاص عبر الحدود سعياً للحصول على فرص مالية أفضل ليس بالأمر الجديد أو الفريد على منطقة الخليج، فهجرة العمالة أضحت ظاهرة عالمية تعود بالنفع على كل من اقتصادات البلدان التي تعتمد على مصادر خارجية للعمالة وأيضاً على اقتصادات البلدان التي ترسل مواطنيها للعمل في الخارج. تطلب الدول المضيفة كدول مجلس التعاون من العمال المهاجرين تحفيز نموهم الاقتصادي وتعزيز استمراره. وتعتمد البلدان المصدرة للعمالة على هجرة الأيدي العاملة كصمام أمان ضد ارتفاع مستويات البطالة المحلية، كما تعتمد أيضاً على التحويلات المالية التي يرسلونها إلى أوطانهم.
ما يميز دول مجلس التعاون هو اختلال توازن القوى العاملة في المنطقة بدرجة كبير من الناحية الديموغرافية لصالح الأجانب على حساب المحليين. كما يفوق عدد العاملين الأجانب عدد المحليين بفارق كبير في معظم البلدان وفي العديد من القطاعات. لا تزال إدارة القوى العملة في المنطقة واحدة من أكثر التحديات تعقيداً بالنسبة للحكومات في جميع أنحاء المنطقة حيث أنها تحاول الوفاء بمتطلبات سوق العمل المحلي، مع احتواء ذلك على تبعات اجتماعية وثقافية وسياسية تتعلق باستضافة هذه الأعداد الكبيرة من العمالة الأجنبية.
وقد هدفت لوائح العمل في دول مجلس التعاون بشكل رئيسي إلى ضمان بقاء الطبيعة المؤقتة للقوى العاملة الخارجية، وخضوعها لإدارة صارمة، فقد كان نظام كفالة العمال أحد الأدوات التي تم من خلالها التحكم في استيراد اليد العاملة، إلا أن هذا النظام قد تعرض لتدقيق وانتقاد متزايدين من جانب المجتمع الدولي، فمن المسلم به أن نظام الكفالة يتم إساءه استغلاله على نطاق واسع، كما يقال أن بيئات العمل في الكثير من القطاعات المختلفة غير آمنة، فضلاً عن عدم ملاءمة أماكن الإقامة وحدوث نزاعات بشأن الأجور وارتكاب مخالفات ضد حقوق الإنسان عامة وحقوق العمال بشكل خاص. ورداً على هذه المزاعم التي كان لها تأثير سيء على القيادة والمجتمعات في المنطقة بأسرها، اتخذت العديد من حكومات دول مجلس التعاون خطوات جادة لتحديد الكيفية التي يمكن من خلالها تحسين أوضاع العمال المهاجرين. وعلى مستوى السياسات، تدار الكثير من المناقشات حول مراجعة نظام الكفالة للعمال أو إلغائه، وذلك برغم أن ما سيحل محله لا يزال غير واضح.
على الرغم من انتشار هذه الظاهرة، فإن هجرة العمالة في مختلف أنحاء المنطقة لم تستوف حقها من الدراسة. وتثير الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الخاصة بالهجرة إلى دول الخليج مجموعة من التساؤلات التي يتعين دراستها بطريقة منهجية وشاملة. ومن بين المجالات الجديرة بالدراسة بحث كل من التحولات المالية و”التحويلات الاجتماعية” المنتشرة من خلال تجربة الهجرة، وكذلك قضايا الهوية والانتماء في ضوء الصورة التي تشكلت من خلال هذه التجربة، وبناء هذه المفاهيم والهويات كالمواطنة والمجتمع. ونظراً لأن العمال المهاجرين يقضون معظم فترة شبابهم خارج مجتمعاتهم المحلي، فكيف تؤثر معيشتهم في دول مجلس التعاون على المجتمعات لتي يعملون ويعيشون بها وكذلك على من تركوا وراءهم؟ وإلى أي مدى يتأثر العمال المهاجرون ومضيفوهم بالتفاعل فيما بينهم، وما العواقب المترتبة على ذلك؟ وما الأدوار التي تقوم بها الوكالات والمؤسسات الرسمية والخاصة – الاتفاقات الدولية، وأنظمة العمل، والوزارات الحكومية، ووكالات التوظيف… إلخ – في عملية الهجرة؟
يستكشف هذا الكتاب هذه الأسئلة وغيرها من الأسئلة المشابهة المتعلقة بظاهرة العمالة المهاجرة في منطقة الخليج. ومن بين الموضوعات الرئيسية التي تمت مناقشتها في هذا الكتاب بحث مفهوم وظاهرة “العمالة” في سياق الهجرة إلى دول الخليج، وإنشاء حدود اجتماعية ومكانية في المدن التي تستقبل العمالة المهاجرة بشكل رئيسي (أبوظبي كحالة دراسية)، والأسباب التي تدفع المهاجرين إلى مواصلة الهجرة إلى الخليج على الرغم من معرفتهم المسبقة بمدى سوء الأوضاع والتحولات المتعلقة بالثقافة والقيم التي يتعرضون لها خلال فترة هجرتهم – والعوامل التي تجبر الكثير من المهاجرين من أصحاب المهارات المتوسطة والمنخفضة على التنقل ذهاباً وإياباً بين هوامش الاقتصادات الرسمية وغير الرسمية، وأنواع الأطر القانونية والسياسية التي تضعها الدول في التعامل مع العمال المهاجرين، والجهود التي تبذلها الدول المضيفة لهذه العمالة لإحلال القوى العاملة الوطنية محل العمال المهاجرين قدر المستطاع، وأنواع الخطابات الرسمية التي تتطور، أو يتم التشجيع على تطويرها عند تناول قضايا هجرة العمالة (مع المملكة العربية السعودية كحالة دراسية)، ويستفيد الكتاب، عند تناول تساؤلات كهذه من الأفكار النظرية والعملية المستقاة من مجالات الانثروبولوجيا والاقتصاد والعلوم السياسية والسياسة العامة وعلم الاجتماع.