تقرير موجز
فيما يلي مقتطفات من مقدمة أعدها مهران كمرافا. انقر هنا لقراءة التقرير كاملاً
وجد الخبراء والعلماء والأشخاص العاديين بشكل عام أنفسهم، وعلى حين غرةـ، في خضم اضطرابات سياسية مروعة امتدت لتشمل العالم العربي بدءاً من ديسمبر 2010. من المثير للاهتمام أن الكثير من المنح الدراسية حول سياسة الشرق الأوسط حتى ذلك الوقت كان تركز على ديمومة السلطوية. ومع بدايات عام 2005 حدث ما يشابه “الربيع العربي”، أو لعله كان تجربة أولية لما حدث لاحقاً في عام 2011. في ذلك الربيع المبكر، ذهب العراقيون إلى صناديق الاقتراع للمرة الأولى منذ سقوط نظام صدام حسين، وانسحبت القوات السورية من لبنان بعد احتجاجات واسعة في وسط بيروت، ونظمت المملكة العربية السعودية انتخابات بلدية، وأجبرت المعارضة الشديدة التي قادها النشطاء المصريون مبارك على إضفاء المعنى والمضمون، ولو بشكل مؤقت، لوعوده الإصلاحية. ومع ذلك، فقد استمر الاستبداد بلا هوادة لمدة خمس سنوات أخرى.
في حين لم تتم بعد كتابة الفصل الأخير من الربيع العربي، فإن الطبيعة غير المتوقعة لهذه الانتفاضات العربية قد أثارت بالتأكيد مناقشات حيوية وأنتجت منحاً مثمرة إلى حد بعيد حول بعض الافتراضات القائمة للسياسيات الداخلية في المنطقة. وعلى مدار السنوات، تم تطوير مجموعة من المنح ركزت على ديمومة الحكم الاستبدادي في الشرق الأوسط، والمرونة الملحوظة التي تتمتع بها الأنظمة الحاكمة. وقد استند جزء كبير من هذا التحليل على دراسة دقيقة لأنماط السلوك السياسي الاجتماعي في الشرق الأوسط، سواء على المستوى الإقليمي من التحليل أو على مستوى الدول منفردة، وعلى وجه الخصوص على “المساومات الحاكمة” الموضوعة بعناية بين الأنظمة ومواطنيها.
تطورت على مدار عقود، في الأنظمة الملكية وكذلك في العديد من الجمهوريات الرئاسية في منطقة الشرق الأوسط، مساومات حاكمة بين الحاكم والمحكوم تهدف لتوطيد العلاقات بين الدولة والمجتمع والحفاظ على أشكال مختلفة من الحكم الاستبدادي. تقوم هذه المساومة الضمنية بشكل عام بتحديد الحكم السياسي حيث يتخلى المواطنون عن حقوقهم السياسية والاجتماعية لصالح الحكومة التشاركية، ومن المتوقع منهم قبول شرعية النظام الحاكم، وإن على مضض، لتتم مكافأتهم في المقابل بمجموعة متنوعة من الخدمات والبضائع العينية أو المادية، فضلاً عن المنافع الاقتصادية والاجتماعية. ويتحدد مدى سخاء الدولة على مواطنيها بقدرتها المالية، ما يجعل المساومة الحاكمة أقوى في بعض الدول وأضعف في دول أخرى، أو على الأقل فيما يتعلق ببعض المواطنين أكثر من غيرهم. فقد حصلت النخب المحكومة ذات الأهمية بالنسبة للنظام على مزايا أكثر بكثير من المواطن العادي، ما أنتج عنصراً مميزاً أضحى جزءاً لا يتجزأ من شعور الاستياء اتجاه الأنظمة المحلية.
على الرغم من أن الكثير من المؤلفات الأكاديمية قد خصصت لتناول ديمومة هذه المساومات الحاكمة، إلى أن الأحداث الحالية تشير إلى أن الأسباب المحتملة لتآكلها لم تولى الاهتمام الكافي. تحقق فصول هذا المجلد في بعض الافتراضات التحليلية القائمة للعمل على تطوير فهم جديد لدوافع التغيير التاريخي في الشرق الأوسط الذي بدأ مع أواخر عام 2010 وبدايات عام 2011.