من المقعد الأمامي إلى أعماق التاريخ
قام سعادة السيد عبد الله بن حمد العطية، رئيس هيئة الرقابة الادارية والشفافية في دولة قطر، بزيارة خاصة لطلاب كلية الشؤون الدولية بجامعة جورجتاون في قطر، حيث ألقى محاضرة بعنوان “الجمهورية اللبنانية بين الماضي والحاضر”.وبهذه المناسبة قال الدكتور مارك فرحة، أستاذ التاريخ في جامعة جورجتاون: “كنت طالب منذ فترة طويلة في لبنان، وسمعت من مصادر مختلفة لبنانية وقطرية كيف كان سعادة عبد الله بن حمد العطية متعمقاً في تاريخ لبنان والمنطقة. وفي الحقيقة قيل لي، لا أحد يعرف أو يحب لبنان أكثر منه. وهذا هو السبب في توجيه الدعوة لسعادته لحضور ندوة “تاريخ لبنان والمجتمع والسياسة”.وعقب اعتلائه المنصة، جلس الوزير والسياسي القطري المخضرم بجوار الطلاب الخمسة والعشرين، ليجيب عن سؤال الافتتاح الذي طرحه الدكتور فرحة: “إن قوة لبنان، وهي كونه بوتقة ينصهر فيها فئات عديدة، هي أيضاً نقطة ضعفه. وبالتالي فإن نفس فكرة التنوع التي تجعله منه دولة حيوية، تجعله أيضاً عرضة للضعف. هل ترى نمط معين؟ ما الدروس التي استقيتها من حالة القوة والضعف هذه؟”وعلى مدى ما يقرب من ساعتين، شارك الوزير برؤى عميقة حول النسيج المتشابك لتاريخ منطقة الشرق الأوسط وهو ما يتضح بشكل خاص في لبنان. ورسم صورة مفصلة للقوى التي شكلت المراحل المبكرة من تاريخ لبنان المتجذر في التحديات التي يطرحها تنوع سكانها العرقي والديني. كما روى الوزير العديد من التجارب الشخصية التي أظهرت، في بلد حيث “الأحزاب السياسية تعتبر بمثابة شركات عائلية”، كيف أن معرفة الأسر القبلية والقيادات السياسية داخل كل طائفة، تصبح أمراً ضرورياً لفهم الطبيعة المعقدة لتاريخ لبنان.وقال الدكتور فرحة: “هنا كان شخص قد استوعب الدروس الرئيسية من كتب التاريخ مع القدرة على صياغة القصة على أسس متينة وتقديمها بحب وعاطفة وبدون التحيز الحزبي المعتاد الذي يصادف الكثير عند الحديث عن لبنان. هذا هو التاريخ في أفضل صوره، عاد للحياة مع شغف رجل العلم وأول تجربة مباشرة لدبلوماسي محنك”.من جهته قال الطالب محمد خليل: “اعتقد انه كان رائعاً لانه في الاصل ليس متخصصاً في الحقل الأكاديمي للدراسات العربية أو في لبنان كحالة دراسية، إلا أنه من خلال ما يمتلكه من معرفة عميقة، قدم لنا معلومات هامة وقيمة. لقد كانت فرصة عظيمة لي. فأنا لبناني، ولكنه ربما يعرف أكثر مني بكثير. انه يعرف كل شيء تقريباً، من القرية، إلى السياسة، إلى المجتمع، إلى الدين وتاريخ العصور الوسطى مع فخر الدين، لذلك كانت المحاضرة حقاً شيقة. إن سعادة الوزير هو من أكثر الضيوف الذين زارونا ثراءً بالمعلومات”.بدوره، أضاف الدكتور فرحة قائلاً: “هناك نتيجة اتفقنا عليها جميعاً وهي أن “الحوار هو أساس الحضارة”. بهذه الروح، نأمل أن يكون هناك حوار آخر لمنفعة طلابنا الذين يشعرون بالامتنان مثلي تماماً لكوننا استطعنا الاستماع والتعلم من هذه الشخصية الفذة” .يذكر أن مارك فرحة هو أستاذ مساعد للإدارة الحكومية في كلية إدموند والش للشؤون الدولية بجامعة جورجتاون في قطر. وهو حاصل على الدكتوراه في التاريخ ودراسات الشرق الأوسط من جامعة هارفارد في عام 2007، حيث شغل منصب زميل مدرس في دورات حول تاريخ الشرق الأوسط والسياسة من عام 2001-2007. وهو متخصص في شؤون لبنان والعلمانية والطائفية في الشرق الأوسط.