في محاضرة نظمها مركز الدراسات الدولية والإقليمية محاضر من جامعة بن غوريون يكشف جذور سياسات إسرائيل تجاه الفلسطينيين محاضرة بجامعة جورجتاون حول تهجير الشعب الفلسطينى
عقد مركز الدراسات الدولية والإقليمية التابع لكلية الشؤون الدولية- قطر بجامعة جورجتاون مؤخرا محاضرة مسائية ألقاها د. أحمد سعدي، المحاضر في قسم “السياسة والحكومة” في جامعة بن غوريون في النقب. أحدث سعدي، الذي شارك في تأليف كتاب النكبة مع ليلى أبو لغد، حراكا داخل المجتمع الأكاديمي الإسرائيلي من خلال نقده للسياسات التي اتبعت خلال السنوات الحاسمة لإقامة دولة إسرائيل. ويتطرق مشروعه الحالي إلى الأرشيفات المهملة التي تحتوي على ملخصات ومحاضر اجتماعات ومذكرات ورسائل تبادلها المشرعون الإسرائيليون خلال الخمسينات والستينات. واستطرد الأستاذ سعدي، قائلا: “كلنا على دراية تامة بسياسات نقل السكان الإسرائيلية في عام 1948. لكن ما لا نعلم عنه الكثير هو الأساليب والاستراتيجيات التي استخدمت لتعزيز وتوسيع عملية النقل”.ووفقا لشموئيل توليدانو، الذي عمل لفترة طويلة مستشارا لرئيس الوزراء [الإسرائيلي] للشؤون العربية، فقد شكلت أهدافه الجزء الأكبر من مذكرة قدمها للحكومة في عام 1973، اعتمدت بعدها بعام كسياسة رسمية. وعلاوة على ذلك، استمرت في تشكيل أسس السياسية الرسمية حتى عام 1991.” وشملت هذه المبادئ منع إنشاء منظمات عربية قومية ومستقلة، وتعميق الانقسامات العرقية والدينية، وربط الاحتياجات الأساسية للناس بالدولة، واحتواء الكتلة السكانية الفلسطينية داخل الحدود التي وضعت في عام 1948. وشمل هذا النهج أيضا كل الأحزاب السياسية العربية القومية والمستقلة، والمنظمات الإسلامية، والمؤسسات الاقتصادية، بما في ذلك المصارف، والنقابات العمالية، وغرف التجارة والمؤسسات الاجتماعية كالأندية الرياضية.
وقد اقترن بإستراتيجية السيطرة هذه سياسة “العصا والجزرة”، وما اقتضته من معاملة تفضيلية لبعض الأقليات مثل الدروز والشركس والروم الكاثوليك، بهدف زعزعة الارتباط بالهوية الوطنية الفلسطينية. “يجب على الدولة أن تسعى بكل الوسائل الممكنة إلى تغذية نزعة المصلحة الفئوية داخل كل مجموعة عرقية ودينية”. وأدى ربط الاحتياجات الضرورية ببنية الدولة الإسرائيلية الوليدة إلى ضمان التبعية الاقتصادية والاضطراب السياسي في أوساط الفلسطينيين. وأوضح سعدي أن [هذا الأمر] يشير إلى تهيئة الظروف التي يتم من خلالها إجبار الأفراد أو الجماعات على تقديم تنازلات فيما يخص معتقداتهم السياسية أو الأخلاقية، للحفاظ على مصالحهم الاقتصادية أو احتياجاتهم المادية. وفيما يتعلق بالسكان، أشار الأستاذ سعدي إلى “أن تكتيك احتواء [السكان] الفلسطينيين … من خلال تعليم المرأة العربية، وطرح مفاهيم تنظيم الأسرة على الفلسطينيين … مثل نقلة في التفكير والاجتهاد المتعلق بـ[السياسات] السابقة.”
من جانب آخر، يتعلق بالنزوح خلال النصف الأخير من القرن العشرين حيث شمل توطين البدو في المدن ونقل الإسرائيليين إلى القرى، مما أسفر عن تدمير الثروة الحيوانية والزراعية للبدو، وما نتج عنه من تحول البدو إلى العمل بالأجر في المناطق الحضرية. “ينبغي دمج الفلسطينيين كجماعة في أطراف الاقتصاد الإسرائيلي عبر وسائل مختلفة”. وكان يتم رسم مخططات تقسيم القرى بحيث تؤدي إلى هدم المنازل الواقعة خارج الحدود الجديدة للمناطق. وأخيرا، تم العمل على تفتيت التركز السكاني لعرب إسرائيل في مناطق مثل الجليل والنقب عن طريق نشر مراكز ومجمعات شرطية ومؤسسات مدنية في أرجاء تلك المناطق، مما عرقل “تواصل الأراضي التي يعيش عليها المجتمع العربي من خلال زرع أسافين يهودية خطيرة”.وبعد سنوات من البحث المضني في الأرشيفات، شارف الأستاذ سعدي على الانتهاء من مؤلفه في هذا الشأن، المقرر صدوره في وقت لاحق من هذا العام. وقد حظيت كلية الشؤون الدولية-قطر بفرصة الاطلاع على هذه الأفكار غير المنشورة عما تتبعه إسرائيل من تكتيكات للمراقبة والسيطرة منذ أمد بعيد.